جديدة في المجتمع، الذي طغى فيه العقل على العاطفة، وساده الخمود. شخصية تستطيع أن تؤسِّس وجودًا جديدًا لا يُصارِع العقول؛ بل يَحُلُّ العُقَد النفسية والفكرية، ويملأ القلوب سكينة وإيمانًا.
وقد جاد الزمان بهذا الرجل في شخصية مولانا جلال الدين الرومي، الذي كان ديوانه الأشهر، المعروف بـ”المثنوي المعنوي”؛ ثورة على تجاوز الإنسان لحدوده، ومبالغته في تقدير حواسه وتقديس عقله؛ فصارت هذه المنظومة أساسًا لوجود جديد، يُهدهِدُ العقول الجامحة الثائِرة، ويُهدئ النفوس المضطربة الحائرة، ويُعيدها إلى الهدي الإلهي.
وقد استطاع قلم الأستاذ الندوي -برشاقته المعهودة- أن يصحبنا في رحلة إيمانيَّة لا ينفصِلُ فيها العقل عن القلب، وإنما يتحدان معًا في ذات المضغة التي قُدِّر لهما أن ينزلا فيها؛ لنكتَشِف في هذه الرحلة الشائقة أبعادًا جديدة، لا للتصوف الفارسي أو لمولانا فحسب، وإنما لجوهر التجربة الإيمانيَّة.